قبل اسابيع زرت القاهرة. و في لوبي فندق خمس نجوم التقيت صدفة بأردنيين وعرب. و تعرفت على رجل مسن من جنسية عربية، وعندما عرف اني صحفي اردني فتحت شهيته للكلام، والح على الجلوس معي، واعتذرت منه. واكره الفضولين والغرباء.
دون استثناء في فنادق الخمس نجوم في القاهرة وقبرص التركية يوجد صالات قمار «كازينو» . المسن العربي مقيم في فنادق خمس نجوم بالقاهرة وينتقل ايضا الى قبرص ، وهو مرابي، ويقرض لاعبي الكازينو اموالا مقابل حجز جوازات سفرهم.
في القاهرة، المصريون يمنعون من دخول الكازينو، ويشترط الدخول لحملة الجوازات الاجنبية. الفضول يسحبني الى الدخول لصالات القمار، وتجد نفسك احيانا مجبرا على قضاء بقايا الوقت اخر النهار والليل في صالات القمار.
و المسن العربي عندما عرفت انه مرابي، نفرت منه، واينما تذهب في فنادق القاهرة تجده في وجهك جالسا في لوبي الفنادق، و يتجول في صالات الاقمار.
رواد الكازينو عندما يرونه ينصدمون وتتغير ملامح وجوهم، ويجاملونه في وجهه، وعندما يدير ظهره يشتمونه ويسبونه من فوق الى تحت.
و لا يجرؤ ان ينطقوا في وجهه اي حرف غلط وكلام غير لبق ولائق.
و لربما اي «لاعب قمار « قد يحتاجه باي لحظة ، ويحتاج ان يقترض منه مبلغا ماليا ليكمل البحث عن حظه على «بكارات الروليت «وبين اوراق «البلاك جاك».
و لحين وصول حوالة مالية من البلد الام ، وعلى امل ان القدر والحظ يتحققان من لعبة القمار، ويربح ويعوض الخسائر ويسد الدين الى المسن المرابي.
و في اليوم الثاني من اقامتي بالفندق، وبعد الافطار جلست في اللوبي، وشربت قهوة، وتصفحت الجرائد المصرية : الاهرام والجمهورية، و اليوم السابع، ووزر اليوسف ، والاخيرة صحيفة عريقة، وخط تحريرها تنويري واصلاحي، وتتبني الدفاع عن قضايا عقلانية وتقدمية في السياسة والفن والثقافة ، وانا اعتبرها من اهم الصحف المصرية والعربية . و في الاثناء مر المسن المرابي، ورمى التحية والسلام، واستأذن ان يجلس على الطاولة وان يشرب القهوة في معيتي. قلت له تفضل، وناديت النادل، وطلبت منه احضار قهوة المسن.
و قال لي من اول ما جلس، واشعل سيجارة،انه عمل بحث على جوجل عن اسمي . قلت له ان شاء الله عثرت على اخبار طيبة. وقال : الاخبار عندي انا، ومش عندك.
و اخرج من حقيبة جلد سوداء رزمة جوازات سفر، ووضعها على الطاولة، وطلب مني اقلبها، سحبت كم جواز، وليس صدفة تبين انها لاردنيين، واردنيين من شتى الاصول والمنابت والحسب والنسب. وجوازات اخرى لمواطنين من جنسيات عربية. جوازات اردنية محجوزة لدى المسن المرابي. وسألته كيف وصلت هذه الجوازات ؟ ومن هنا حدثني قصصا شيقة عن اصحاب الجوازات من اردنيين وغيرهم ، ومن خسروا اموالهم في الكازينو، وحجزوا جوازات سفرهم مقابل اقتراض مبالغ مالية. انا يهمني سماع قصص الاردنيين، ومن بين الجوازات عرفت اسماء كثيرة لاشخاص اعرفهم شخصيا او اسمع بمقام حضرتهم، وغير ذلك.
وقال المسن المرابي : لست وحدي المرابي في فنادق القاهرة وشرم الشيخ وقبرص التركية. وهناك مرابون من جنسيات عربية اخرى، وفي حوزتهم اضعاف الجوازات المحجوزة معي. و سألته، اذن اصحاب الجوزات اين هم ؟ قال : عادوا الى بلادهم، عدد قليل جدا مازالوا موجودين في القاهرة وقبرص، متعثرين ومطلوبين هنا وهناك ، وغير قادرين على سداد ديونهم والعودة الى بلادهم.
و طيب، كيف عادوا وجوازات سفرهم مجحوزة؟ ومن هنا مربط الفرس، وبداية ونهاية قصة المرابي مع رواد الكازينو ولاعبي القمار.
فالمسألة، سهلة، وما بدها سؤال ولا استغراب واستنكار قال لي.. ويحجز جواز السفر، ويخسر القمرجي فلوسه في الكازينو، ويتصل في السفارة الاردنية ويبلغ عن فقدان او ضياع او سرقة الجواز السفر، وتصدر له السفارة خلال اقل من 24 ساعة وثيقة سفر، ويستعملها في المطار قادما الى الاردن، وبديلا عن جواز السفر.
المسن المرابي رفض السماح لي في تصوير جوازات سفر الاردنيين المحجوزة التي تركها اصحابها من رواد الكازينو مقابل مبالغ مالية. وبعضهم عاد الى الاردن بوثيقة سفر صادرة عن السفارة، وفي عمان اصدر جواز سفر جديدا.
استسهال حجز جواز السفر الاردني.. وهي ظاهرة لجريمة نكراء وابطالها من مرتادي الكازينو في مصر وقبرص التركية.. وترقى الى رتبة جريمة بحق الجواز الاردني، واذا ما عرف ما هو الدافع والسبب لحجز الجواز.
المسن المرابي خبيث وداهية، وراهن على فضولي الصحفي، وعرف انني لن اسكت، وسوف اكتب عن الموضوع، وقد مرت ايام لعودتي من القاهرة، وترددت في الكتابة، واخيرا حسمت الامر، وتعرفون لماذا ؟ وانا اقلب جوازات السفر المحجوزة لقطت اسم شخص اردني، وقبل ايام في مناسبة اجتماعية سمعته يلقي خطبة عصماء، ويوزع مواعظ ومثلا ومبادئ اخلاقية على الناس، ويهزون رؤوسهم اعجابا وتأثرا، وطواعية