حتى الساعات الأولى من فجر السبت وقبل دخول الهدنة التي اتفق عليها طرفا الصراع في السودان حيز التنفيذ، لم تتوقف الاشتباكات في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور التي تعاني من أوضاع إنسانية متدهورة.
جثث على قارعة الطريق
فمنذ أسابيع تشهد الجنينة اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لدرجة انتشار جثث في الشوارع لا تجد من يواريها الثرى.
وحصلنا على صور تظهر انتشار جثث في الشوارع بملابس مدنية في أحد أحياء المدينة.
مخاوف من صراع قبلي
كما أظهرت مقاطع فيديو سيطرة عناصر مسلحة على منزل سلطان قبيلة المساليت في المدينة، وسط مخاوف من تحول الصراع في المدينة الجريحة إلى صراع قبلي.
“جحيم حقيقي”
في حين أكدت الهيئة النقابية لأطباء ولاية غرب دارفور أن المدينة تشهد وضعا إنسانيا وأمنيا كارثيا بعد انهيار الخدمات وانقطاع الاتصالات مشيرة إلى تعذر إمكانية تقدير الخسائر المادية والبشرية.
ووصف الأطباء ما يجري في تلك المدينة بالجحيم الحقيقي. وناشدت الهيئة النقابية لأطباء ولاية غرب دارفور العالم بالتحرك، مؤكدة أن الناس حرموا من الخروج من المدينة بينما تخلى العالم عنهم.
وضع كارثي
فيما تتعاظم المخاوف من هول الكارثة التي يمكن أن تحدث، خصوصا أن الخدمات الإنسانية والطبية في الجنينة انهارت منذ بداية شهر مايو، ولم يعد في المدينة التي يسكنها نحو مليون شخص، لا غذاء ولا ماء ولا دواء ولا حتى اتصالات، بحسب الهيئة.
شبح الماضي الأليم
يشار إلى أن إقليم دارفور الشاسع غرب السودان، والذي تسكنه قبائل عدة عربية وإفريقية، والمشهور بالزراعة، وتعادل مساحته فرنسا تقريبا، يزخر بذكريات أليمة من الحرب الأهلية الطاحنة التي امتدت سنوات، مخلفة آلاف القتلى فضلا عن مجازر كبرى بين القبائل، قبل عقدين من الزمن.
فقد اندلع الصراع فيه عام 2003 حينما وقفت مجموعة من المتمردين في وجه القوات الحكومية المدعومة من ميليشيات الجنجويد التي اشتهرت في حينه بامتطاء الخيل، وأدت أعمال العنف لمقتل نحو 300 ألف شخص، وتشريد الملايين.
ورغم اتفاقيات السلام العديدة، فإن التوتر لا يزال مستمراً منذ ذلك الوقت، كالجمر تحت الرماد، ينتظر شرارة لإيقاظه. وقد تصاعد العنف بالفعل خلال العامين المنصرمين بشكل متقطع قبل أن يهدأ نسبياً، ليعود إلى الاشتعال ثانية.