قال البنك الدولي، الأربعاء، إنَّ الإقصاء من سوق العمل “السبب الرئيسي” للفقر والحرمان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومقترحا سلسلة من الإجراءات يُمكِن للحكومات في المنطقة اتخاذها لجعل أنظمة الحماية الاجتماعية “أكثر شمولاً وكفاءةً”.
وتحدث تقرير جديد للبنك الدولي، عن “آثارٌ مُدمِّرة” على مستويات المعيشة “لا تزال هذه آثارها قائمة” نتيجة جائحة كورونا والهجوم الروسي في أوكرانيا، لكنه أشار إلى معاناة معظم البلدان في المنطقة من الفقر والحرمان حتى قبل هاتين الأزمتين.
وبحسب تقرير المؤسسة المالية الدولية، فإن المنطقة تعاني من “قلة فرص العمل، لا سيما للنساء والشباب، ويشتغل معظم العمال في وظائف غير رسمية منخفضة الإنتاجية”، موضحة أن خلق وظائف “أكثر وأفضل” يتطلَّب وجود قطاع خاص “ديناميكي قادر على المنافسة ومفعم بالحيوية”.
ورأى التقرير المعنون “أُسّسَ ليشمل الجميع: إعادة تصوُّر أنظمة الحماية الاجتماعية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، أن انتهاج حكومات المنطقة لسياسات قوية للحماية الاجتماعية “أمر ضروري أيضا للحد من الإقصاء من سوق العمل، وذلك بتسهيل الحصول على وظائف منتجة، وحماية العمال، وتوفير شبكة أمان للأفراد الذين سبقهم الركب”.
ووفقاً لهذا التقرير، فإن سياسات الحماية الاجتماعية في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا “لا تقوم بهذا الدور”، مستشهدا بأن معظم الفقراء “لا يحصلون على دعم للدخل، ومعظم العمال لا تشملهم مظلة معاشات التقاعد أو التأمين من البطالة. وسياسات الحماية الاجتماعية غير مُهيَّأة لمعالجة التحديات الناجمة عن زيادة أعداد المسنين من السكان، وكذلك آثار التقدُّم التكنولوجي وتغيُّر المناخ”.
وتعليقا على ذلك، قال نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فريد بلحاج: “تحتاج بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى بناء أنظمة حماية اجتماعية شاملة وسريعة التكييف للاستجابة للأزمات الفورية التي تواجهها اليوم، وفي الوقت نفسه الحد من استبعاد سوق العمل على الطريق بطريقة مسؤولة من الناحية المالية. ويلتزم البنك الدولي بالعمل مع البلدان في جميع أنحاء المنطقة وهي تقوم بإصلاحات لتوسيع وزيادة مستوى حماية المحتاجين مع ضمان الاستدامة المالية في الوقت نفسه”.
وحدد التقرير “أولويات الإصلاح لجعل أنظمة الحماية الاجتماعية في المنطقة أكثر شمولاً وكفاءةً”.
وتتمثل الخطوة الأولى على سلم الأولويات في “بناء نظام قادر على مواجهة الصدمات لتقديم دعم للدخل وإتاحة فرص للفقراء، وهو ما تُحقِّق فيه بعض بلدان المنطقة بالفعل تقدماً جيداً”، وفق التقرير.
وقال “يجب أن تكون الأولوية التالية هي توسيع نطاق تغطية التأمينات الاجتماعية للعمال الأكثر احتياجاً في الاقتصاد غير الرسمي، وينبغي أن يصاحب ذلك التوسع في تقديم الدعم لزيادة إنتاجية العمال في الاقتصاد غير الرسمي، وزيادة مؤهلات التوظيف للشباب والنساء، إلى جانب إزالة الحواجز التي تحول دون تمكين النساء من أسباب القوة”.
وفي ظل ضيق الحيز المتاح للإنفاق في إطار المالية العامة، يجب على بلدان المنطقة العمل لإصلاح أنظمة الدعم العام لمنتجات الطاقة والسلع الغذائية، وينبغي لها أيضاً إعادة تصميم أنظمتها لمعاشات التقاعد لمساندة مفهوم الشيخوخة النشطة، بما في ذلك إلغاء الحوافز على التقاعد المُبكِّر، وفق التقرير.
وقال التقرير إن الشواهد المستقاة من بلدانٍ في المنطقة ومن أنحاء العالم التي بدأت بالفعل السير في طريق الإصلاح تشير إلى سبل بناء التأييد السياسي، وتشمل الإجراءات التي يُمكِن للبلدان اتخاذها وضع رؤية وتحقيق التواصل الواضح والمتواتر لشرح أسباب اتخاذ القرارات وكيف يمكن للأفراد تحقيق أفضل استفادة من برامج الحماية الاجتماعية، إضافة إلى تصميم الإصلاحات وتحديد تسلسلها، سيكون من الضروري أيضا التحلِّي بخصائص القيادة السياسية والالتزام.