لقي اتفاق وقف إطلاق النار المعلن لمدة 3 أيام في السودان التزاما جزئيا في العاصمة الخرطوم مع بدء سريانه، الثلاثاء، فيما تتسارع عمليات إجلاء الرعايا الأجانب.
في الأثناء، أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها من خطر بيولوجي “هائل” بعد أن استولى “أحد الطرفين المتقاتلين” على “المختبر المركزي للصحة العامة” في العاصمة الذي يحتوي على عينات مسبّبة لأمراض الحصبة والكوليرا وشلل الأطفال.
بعد 10 أيام من بدء المعارك التي خلفت أكثر من 459 قتيلا وأكثر من 4 آلاف جريح بحسب الأمم المتحدة، استهدف الجيش الثلاثاء بالطائرات مواقع لقوات الدعم السريع في ضواحي الخرطوم، ورد الأخير باستخدام أسلحة ثقيلة، وفق ما أفاد شهود عيان وكالة فرانس برس.
وتبادل الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد دقلو الملقّب بـ”حميدتي” الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار.
وتعذر على الفور التأكد من تراجع حدة القتال العنيف الذي اندلع في إقليم دارفور الشاسع (غرب) منذ بدء الأعمال العدائية في 15 نيسان.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد أعلن مساء الاثنين عن موافقة الطرفين على وقف إطلاق النار لثلاثة أيام اعتبارا من الثلاثاء.
وأوضح أن ذلك أتى عقب “مفاوضات مكثفة على مدار الساعات الثماني والأربعين الماضية”.
وقف دائم لإطلاق النار
مع بدء سريان الاتفاق، حذّرت الأمم المتحدة الثلاثاء من أن ما يصل إلى 270 ألف شخص آخر قد يتوجهون إلى تشاد وجنوب السودان المجاورتين.
من جهته، قال المتحدث باسم قوى الحرية والتغيير خالد عمر يوسف الاثنين إنه سيتم خلال الهدنة إجراء “حوار حول ترتيبات لوقف نهائي لإطلاق النار”، مضيفا “الولايات المتحدة بتنسيق معنا تواصلت مع القوات المسلحة والدعم السريع”.
وأكد بلينكن أن واشنطن تعمل على تحقيق ذلك مع دول حليفة بينما تحدث الجيش عن وساطة “سعودية أميركية”.
تراجعت حدة القتال في عدة أحياء بالعاصمة منذ بدء عمليات إجلاء الأجانب السبت.
لكن الاشتباكات في مناطق أخرى كانت أكثر تدميرا في الأيام الأخيرة.
فقد أظهرت مقاطع فيديو تأكدت من صحتها وكالة فرانس برس، متاجر محترقة ومباني مدمرة ومدنيين منهكين وسط الأنقاض التي لا يزال يتصاعد منها الدخان، ما يعكس كثافة الغارات الجوية ونيران المدفعية.
والناس الذين لا يستطيعون مغادرة العاصمة التي يزيد عدد سكانها عن 5 ملايين شخص يحاولون البقاء على قيد الحياة بدون ماء وكهرباء، ويعانون من نقص الغذاء وانقطاع الإنترنت والهاتف.
وبحسب الأمم المتحدة، هناك “219 ألف امرأة حامل في الخرطوم، 24 ألفا منهن من المتوقع أن يلدن في الأسابيع المقبلة”، وتواجه الحوامل “صعوبات بالغة” في الحصول على الرعاية الصحية فيما تؤكد نقابة الأطباء أن نحو ثلاثة أرباع المستشفيات باتت خارج الخدمة.
ويهدّد النزاع “بحريق كارثي داخل السودان قد يمتد إلى كامل المنطقة وأبعد منها”، بحسب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة مخصصة للسودان مساء الثلاثاء.
“احترامها بشكل كامل”
رحّب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بالهدنة وحثّ “الطرفين على احترامها بشكل كامل”.
وأعلنت ألمانيا أنها ستنظم رحلة إجلاء أخيرة مساء الثلاثاء لنقل مواطنيها وكذلك رعايا دول أخرى إلى الأردن.
في غضون ذلك، بدأت بريطانيا بإجلاء رعاياها بعد 3 أيام من إخراج دبلوماسييها من البلد.
وتمكن أكثر من ألف من مواطني دول الاتحاد الأوروبي من المغادرة، وأعلنت فرنسا الثلاثاء أنها أجلت 538 شخصا من بينهم 209 فرنسيين.
وتمكنت أوكرانيا من إخراج 138 شخصا من السودان، من بينهم 87 من مواطنيها.
من جهتها، أعلنت طوكيو أنها أجلت “كل اليابانيين الذين كانوا في الخرطوم” وأرادوا المغادرة.
وقالت الأمم المتحدة إن نحو 700 موظف أممي وفي المنظمات غير الحكومية والسفارات “تم إجلاؤهم إلى بورتسودان”.
وقتل 5 من عمال الإغاثة في المعارك فيما تم إجلاء عشرات آخرين من دارفور إلى تشاد.