هلا نيوز
شهدت العاصمة السودانية الخرطوم، ومدينة مروي شمال البلاد، اليوم السبت، اندلاع اشتباكات بين قوات الجيش والدعم السريع، وسط انتشار عسكري واسع، وحالة ذعر بين المواطنين. فيما علق مطار الخرطوم الدولي الرحلات المحلية والدولية.
وأكدت تقارير محلية وقوع إصابات بين العسكر والمدنيين.
وقال مصدر مطلع في مطار الخرطوم إن قوات الدعم السريع انتشرت بشكل كثيف داخل المطار الرئيسي للبلاد وقامت بمحاصرة برج الملاحة وطلبت من الموظفين التوقف عن القيام بمهامهم.
وقالت قوات الدعم السريع لاحقا إنها سيطرت على مطار الخرطوم ومطار وقاعدة مروي العسكرية شمال البلاد، وإنها كبدت الجيش خسائر فادحة، مؤكدة أن ما تقوم به من تحركات في إطار الدفاع عن النفس بعد هجوم الجيش على قواتها في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى. بينما أشار الجيش إلى أن المواجهات ما تزال مستمرة.
مطار الخرطوم الان pic.twitter.com/9vgk8aSBgi
— بُلبُل🇸🇩 (@abdallah_blbol) April 15, 2023
ووصفت في بيان تحركات الجيش بالهجوم الغادر، مشيرة إلى قوات الدعم السريع المتمركزة في مقرها بأرض المعسكرات بسوبا، جنوب العاصمة الخرطوم، ومروي ومدن أخرى جار حصرها.
وأضافت في بيان: “تفيد قيادة قوات الدعم السريع الشعب السوداني والرأي العام الإقليمي والدولي بأن القوات المسلحة هاجمت في وقت متزامن مواقع ومقرات قوات الدعم السريع في الخرطوم ومروي ومدن أخرى، فيما قامت قوات الدعم السريع بالدفاع عن نفسها والرد على القوات المعادية وكبدتها خسائر كبيرة وتمكنت من السيطرة على مطار وقاعدة مروي. وطرد المعتدين على مقر القوات بأرض المعسكرات سوبا والسيطرة على مطار الخرطوم”.
ودعت المواطنين بالوقوف إلى جانبها، كما طالبت من وصفتهم بـ”أفراد ومنسوبي القوات المسلحة الشرفاء” بالوقوف إلى جانب الحق، مؤكدة أنها لا تستهدفهم لكنها ترفض استخدامهم من قبل قيادة القوات المسلحة التي اتهمتها بـ”التشبث بكراسي السلطة” وتعريض استقرار البلاد من أجل ذلك إلى الخطر”، وفق البيان.
وحسب شهود عيان تحدثوا أغلقت قوات عسكرية متنوعة، صباح اليوم السبت، محيط القيادة العامة للجيش وشارع المطار وعددا من الشوارع الرئيسية وسط الخرطوم.
صوره لقوات عسكرية من قرب المدينة الرياضيه جنوب الخرطوم https://t.co/mcFD29ICh3 pic.twitter.com/C71fhAH0Rp
— أخبار السودان 🇸🇩 (@SudanzNews) April 15, 2023
وقالت المواطنة سلمى أحمد إنها خرجت مع زملائها من مكاتبهم وسط الخرطوم، صباح اليوم، وسط حالة من الخوف والذعر بعد تصاعد أصوات إطلاق النار، وحاولوا التوجه لمناطق أكثر أمنا، إلا أنهم فوجئوا بإغلاق معظم شوارع وسط الخرطوم، مضيفة: “تارة نجد الطريق مغلقا بقوات الجيش وأخرى الدعم السريع”.
وبينت أنهم لجأوا للشوارع الداخلية للخروج من المنطقة.
اشتباك مسلح قرب المدينة الرياضية #الخرطوم على المواطنين توخي الحذر وعدم الخروج من المنازل pic.twitter.com/hkqZELHRZK
— BB (@BurmaBirima) April 15, 2023
وقالت قوات الدعم السريع إن الجيش يضرب حصارا على قواتها في منطقة سوبا جنوب الخرطوم، وتنهال عليها بهجوم كاسح بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة واصفة اللحظة بالتاريخية الحرجة.
وأشارت في بيان إلى أنها تفاجأت صباح السبت بقوة كبيرة من الجيش تدخل إلى مقر تواجد القوات في أرض المعسكرات سوبا بالخرطوم وتضرب حصارًا على القوات المتواجدة هناك ثم تنهال عليها بهجوم كاسح بكافة أنواع الأسلحة الثقيلة والخفيفة.
ووصفت ما حدث بالاعتداء الغاشم مشيرة إلى أنها أجرت اتصالات مع كل من الآلية الدولية الرباعية ومجموعة الوساطة المحلية وأطلعتهم على الأمر.
وأضافت: “نهيب بالشعب السوداني وبالرأي العام الدولي والإقليمي إلى إدانة هذا المسلك الجبان كما تدعو الشعب السوداني إلى التماسك في هذه اللحظة التاريخية الحرجة”.
من ناحيته، قال الجيش السوداني إن قواته تتصدى لـ”الدعم السريع”، متهما إياها بمهاجمة قواته في عدة مناطق في البلاد.
وقال في بيان، اليوم السبت: “في مواصلة لمسيرتها في الغدر والخيانة حاولت قوات الدعم السريع مهاجمة قواتنا في المدينة الرياضية بالعاصمة الخرطوم ومواقع أخرى وإن القوات المسلحة تتصدى لها”.
وفي مدينة مروي، التي تبعد نحو 350 كيلومترا شمال العاصمة السودانية الخرطوم، بدأت التوترات تتصاعد على نحو غير مسبوق، بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وتشهد المدينة منذ صبيحة اليوم أصوات إطلاق نار كثيفة وتصاعدا لألسنة الدخان من داخل القاعدة الجوية العسكرية التابعة للجيش، وانتشارا واسعا لقواته في أنحاء المنطقة، في ظل حالة من الهلع بين المواطنين.
وفجر الأربعاء الماضي، فوجئ مواطنو المنطقة ذات الطبيعة الصحراوية الهادئة، بعشرات السيارات العسكرية والجنود التابعين لقوات الدعم السريع يدخلون إلى المنطقة عبر الجسور وطريق شريان الشمال، الأمر الذي دعا لجان المقاومة لإطلاق تحذيرات للمواطنين بأخذ الحيطة والحذر، منددة بتحويل المنطقة إلى مسرح للصراع العسكري.
بالمقابل، انتشر الجيش، الذي يملك قاعدة جوية عسكرية في المنطقة، وطالب الدعم السريع بالمغادرة، وسط تعزيزات عسكرية ما زالت تصل للجانبين حتى السبت.
سبق ذلك تحشيد عسكري واسع في العاصمة السودانية الخرطوم وإقليم دارفور غرب السودان، حيث حرك الدعم السريع مدرعات من الإقليم وصلت إلى العاصمة بالتزامن مع وصول آليات عسكرية أخرى إلى مدينة مروي شمال البلاد.
وشهدت البلاد خلال اليومين الماضيين تحركات واسعة لجهود الوساطة، لاحتواء الأزمة بين الجيش والدعم السريع، فيما حذر قادة الأحزاب والحركات المسلحة من أن انطلاق الطلقة الأولى يعني الحرب. واتهمت “الحرية والتغيير” النظام السابق بجر البلاد للحرب وتأجيج الفتنة بين المكونات العسكرية.
وأفاد شهود عيون بسماع أصوات رصاص قوي في القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية وعلى تخوم القصر الرئاسي وسط الخرطوم.
وأشارت شبكة “السودان الآن” عبر صفحتها بموقع “فيسبوك” اليوم، إلى تصاعد أعمدة الدخان من داخل قاعدة مروي الجوية وسط اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في القاعدة والعاصمة الخرطوم.
ونقلت شبكة “رصد” السودان عن شهود دعوتهم جميع المواطنين بولاية الخرطوم أخذ الحيطة والحذر وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى.
وعلى نحو متسارع تلاحقت الأحداث في السودان خلال الأيام القليلة الماضية لتتكشف تفاصيل أزمة كبيرة داخل المكون العسكري يحذر مراقبون من أنها قد تفتح الباب أمام حرب أهلية لا تبقي ولا تذر في البلد الذي يعاني أساسا من دوامة لا تنتهي من الصراعات منذ سنوات.
ويرى مراقبون أن خطورة الأزمة هذه المرة تكمن في أنها ليست كسابقاتها بين العسكريين والمدنيين، وإنما بين جناحي السلطة النافذة، وهما القوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، وما تعرف بقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، نائب رئيس مجلس السيادة، اللذين كانا يمثلان كيانا واحدا أمام القوى المدنية في المرحلة التي أعقبت الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير.
واعتبر المركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات أنه منذ تأجيل التوقيع على الاتفاق النهائي لتسوية الأزمة السياسية في البلاد مطلع الشهر الجاري، وبعد ذلك التأجيل مجددا في 6 نيسان/أبريل بسبب الخلاف حول بند الإصلاحات الأمنية والعسكرية وبروز الخلاف حول دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة، بدا أن الأوضاع في السودان تتجه نحو مزيد من التعقيد.
وبلغ التوتر ذروته مع وصول تعزيزات عسكرية للدعم السريع فجر الأربعاء إلى مدينة مروي في ولاية نهر النيل شمالي السودان والشروع في بناء مقرات ومبان جديدة حول مطار المدينة الاستراتيجية، وهو ما زاد شكوك الجيش بأن قوات الدعم السريع تتحرك منفردة وتخطط لعمل ما ودون التنسيق مع الجيش في خطوة تشكك في أهداف هذه التحركات، ليدفع الجيش السوداني هو الآخر بتعزيزات إلى مروي فجر الخميس في ظل شحن سياسي وشعبي من مختلف الاتجاهات، بحسب المركز الأفريقي للأبحاث.
وعزا المركز كل هذه الخلافات إلى “الشقاق السياسي والخلافات العميقة للقوى السياسية السودانية حول إدارة الفترة الانتقالية واستحقاقاتها”، إضافة إلى الهوة الشاسعة بين الأطراف المختلفة التي “تتخندق” مع الجيش أو الدعم السريع، فضلا عن “طموح دقلو في تشكيل مستقبل السودان ولعب دور رئيسي فيه مع اتجاه معاكس للجيش يسعى لتحجيم دور الدعم السريع وإدماجه في الجيش وبالتالي التقليل من أي دور سياسي بارز مستقبلا”.