استبعد خبراء فرص تحول فيروس “ماربورغ” إلى جائحة عالمية، مؤكدين أن آلية العدوى بواسطة الفيروس، لا تسمح بانتشاره على نطاق واسع.
وينتقل فيروس كورونا المستجد عن طريق الهواء، بشكل أكبر من الأسطح الملوثة بالفيروس، وهو ما مكنه من الانتشار في دول العالم المختلفة خلال شهور معدودة من رصده أواخر عام 2019 بمدينة ووهان في الصين، بينما فيروس ماربورغ، الذي تم رصده لأول مره عام 1967، ينتقل فقط بواسطة الأسطح الملوثة بالفيروس، ويظهر لوقت محدود، ثم يتم السيطرة عليه بإجراءات العزل الصحي.
ويقول خالد شحاتة، أستاذ الفيروسات بجامعة أسيوط المصرية: ” آلية العدوى في فيروس ماربورغ، لا تسمح بانتشاره على نطاق واسع، لذلك فإن تطبيق إجراءات الحجر الصحي تسمح بالسيطرة عليه، ولا تؤدي لانتقال العدوى لعدد كبير”.
وتم التعرف على الفيروس النادر لأول مرة في عام 1967 بمختبرات بمدينة ماربورغ الألمانية، ومنها أخذ اسمه، حييث أصيب حينها 31 شخصا أثناء إجراء الأبحاث على القرود الخضراء الأفريقية المستوردة من أوغندا، وتوفي منهم سبعة، لكن الفيروس ارتبط بعد ذلك بحيوانات أخرى، أبرزها الخفافيش.
وأغلب فاشيات هذا الفيروس تكون في أفريقيا، حيث لم يظهر مجددا في أوروبا، بعد ظهوره الأول هناك، لكنه كان سببا في وفاة شخص واحد فقط خلال الأربعين عاما الماضية في أوروبا، وشخص واحد في الولايات المتحدة، بعد عودتهما من رحلات استكشافية في الكهوف بأوغندا.
وكان عدد الإصابات بالفيروس خلال ظهوره في أفريقيا محدودا، فخلال الفترة من 1998 حتى 2000، أصيب 154 شخص بالفيروس في الكونغو، وأصيب في أنجولا 374 حالة بالفيروس عام 2005، وأصيبت 15 حالة في أوغندا عام 2012، وعاد إلى أوغندا مجددا عام 2017، حيث أصيب 3 أشخاص.
وظهر الفيروس لأول مره في غينيا الإستوائية في فبراير/ شباط الماضي، وبلغ عدد الإصابات به 9 إصابات، ثم ظهر قبل أيام في تنزانيا، وبلغ عدد الإصابات 8 إصابات حتى الآن.
ويضيف شحاتة: “على ما يبدو من أعداد الإصابات، فإن هذا الفيروس لا ينتشر بشكل كبير ويمكن السيطرة عليه، وهو على ما يبدو المبرر الذي دفع شركات الأدوية واللقاحات إلى عدم الاستثمار في إنتاج أدوية ولقاحات”.
وتشمل إجراءات السيطرة على الفيروس كما يشرحها محمد سمير، أستاذ الفيروسات بجامعة الزقازيق (شمال شرق القاهرة) “عزل المصابين، وتتبع المخالطين لهم، لأن فرص إصابتهم بالسوائل الجسدية التي تخرج من المصاب كبيرة، وهي الطريق الأساسي للعدوى، كما يجب أيضا تجنب الاتصال بالخنازير في المناطق التي ينتشر فيها المرض، ويجب على الرجال الذين أصيبوا بالفيروس استخدام الواقي الذكري لمدة عام بعد ظهور الأعراض أو حتى تكون نتائج اختبار السائل المنوي لديهم سلبية للفيروس مرتين، وتوجد أيضا اشتراطات في دفن المتوفين بسبب الفيروس، حيث يتعين على أولئك الذين يدفنونهم تجنب لمس الجسم”.
ويقول سمير إنه ” في حالة اتباع هذه الإجراءات، فإن فرص السيطرة على الفيروس تكون كبيرة، بحيث لا يتحول إلى جائحة عالمية”.
وسبب آخر يحول دون تحول الفيروس لجائحة عالمية، يشير إليه محمود جلال، أستاذ المناعة بجامعة الأزهر، وهو أنه لا يتسبب في العدوى، إلا عند ظهور أعراض على المريض، على عكس كورونا، حيث يمكن أن يعدي حامل الفيروس غيره، دون أن تظهر عليه أعراض.
ويقول: “بالطبع، فإن وجود أعراض للعدوى سبب كاف للآخرين للابتعاد وتجنب الإصابة، وعادة لا تنتقل العدوى إلا للأشخاص الذين يعيشون مع حامل الفيروس في مكان واحد”.
ويضيف جلال، أن هناك سببا ثالث، يتمثل في أن فرص الإماتة بالفيروس تكون عالية، وتصل إلى 88% بين المصابين به، وبالتالي فإن وفاة العائل للفيروس، لا تسمح بانتشاره.
وتؤكد الأرقام ما ذهب إليه، فقد توفي 128 حالة في الكونغو الدميقراطية، من أصل 154 حالة أصيبت بالفيروس، وتوفي في أنجولا 329 شخصا من أصل 374 حالة أصيبت بالفيروس عام 2005، وتوفي في أوغندا أربعة أشخاص من أصل 15 حالة مصابة عام 2012، وعندما عاد الفيروس إلى أوغندا مجددا عام 2017، أصيب به 3 أشخاص، ولقوا جميعا حتفهم.
وتوفي في التفشي الأخير بغينيا الاستوائية 9 حالات، أي أن المصابين بالفيروس ماتوا جميعهم، كما توفي 5 حالات من أصل 8 إصابات في تنزانيا.