الثلاثاء ٢٨ -٢-٢٠٢٣
هلا نيوز
تناولت الصحف الإنكليزية ما قام به المستوطنون يوم الأحد في حوارة قرب مدينة نابلس، ورأت صحيفة “الغارديان” في تقرير لمراسلتها بيثان ماكرنان من البلدة نفسها أن ما قام به المستوطنون المتطرفون خلف 350 مصابا وقتيلا من أبناء البلد.
وقالت إن بوابة بلدة زعترة قرب نابلس نادرا ما تغلق، لكنها أغلقت ذلك اليوم خوفا من ردة فعل المستوطنين على مقتل شقيقين مستوطنين قرب بلدة حوارة على يد مسلح فلسطيني، ولم يطل انتظارهم، حيث جاءوا مع غروب الشمس، ومعهم أعداد من القوات الإسرائيلية التي سيطرت على الشوارع المؤدية للبلدة. وأطلقوا النار على سامح الأقطش، 37 عاما، الذي عاد للتو من تركيا حيث تطوع في جهود الإغاثة بعد الزلزال الذي ضرب جنوب البلاد وشمال سوريا، ولأن الجيش منع دخول سيارات الإسعاف إلى القرية ترك الأقطش ينزف حتى الموت حسب ابن أخيه فادي. وكان الأقطش هو القتيل الوحيد الذي مات في عملية التدمير الناجم عن عنف وتخريب المستوطنين المتطرفين الذي أطلقت عليه الصحافة الغربية اسم “هيجان”، وتم خلاله تدمير وحرق مئات المحلات التجارية والبيوت والسيارات في حوارة.
وفي مقال نشر صباح الإثنين كتبه معلق يميني عبر عن رعبه من الدمار في حوارة مذكرا بما فعله النازيون باليهود قبل الحرب العالمية الثانية أو ما عرف بليلة تكسير الزجاج، واصفا ما حدث بأنه “ليلة تهشيم الزجاج في حوارة”. وأشارت الصحيفة إلى أن الشغب في يوم الأحد جاء نتيجة لمقتل شقيقين من مستوطنة هار براخا على الطريق 60، الشارع الرئيسي في إسرائيل من الشمال إلى الجنوب مارا من وسط حوارة التي تحولت في السنوات الأخيرة لمنطقة تماس ساخنة. وصدم مسلح سيارتهما قبل أن يطلق النار عليهما من مسافة قريبة ثم غادر المكان. وتواصل القوات الإسرائيلية البحث عن المهاجم الذي لم يقبض عليه بسبب الفوضى التي أحدثها المستوطنون.
وقال فادي الأقطش، الذي كان جالسا في خيمة العزاء مع واحد من أبناء سامح الخمسة “بالطبع، هناك الكثير من المستوطنين والجيش هنا والأمر صعب لكنهم لم يحضروا أبدا إلى زعترة مثل هذه المرة”. وقال الشاب البالغ من العمر 29 عاما “نحن خائفون مما سيحدث”. وتقول الصحيفة إن حوادث المستوطنين في الضفة الغربية هي أخبار يومية وزادت بشكل كبير خلال السنوات الماضية.
ويدفع الكثير من ما يصل عددهم إلى 700.000 مستوطن في الضفة والقدس الشرقية مهمة دينية باستعادة ما يقولون إنها أرض اليهود التاريخية. فإطلاق النار وهجمات السكاكين والتخريب والسرقة وتدمير المحاصيل وسرقة الأرض هي وسائل لجعل حياة الفلسطينيين لا تطاق ودفعهم للرحيل. وفشل الجيش في الكثير من الأحيان بتوثيق الحوادث، بل وشارك فيها. لكن لا أحد في بلدة حوارة تحدثت “الغارديان“ إليه يتذكر هجوما كبيرا مثل هذا والذي يخشى الفلسطينيون والإسرائيليون أنه سيقود إلى هجمات من الطرفين وخروج الوضع عن السيطرة.
ولم يعد هناك استقرار بالمنطقة، فقد كان العام الماضي الأكثر دموية منذ نهاية الانتفاضة الثانية. ومنذ بداية العام الحالي قتل حوالي 63 فلسطينيا و13 إسرائيليا، وذلك في مداهمات للجيش الإسرائيلي وهجمات المسلحين الفلسطينيين. وأشارت الصحيفة لاجتماع العقبة الذي شارك فيه مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون وعرب لتهدئة الوضع قبل بدء شهر رمضان. ولا توجد إشارات عن استقرار الوضع على الأرض. ويبدو أن السلطة الوطنية فقدت السيطرة على الوضع لصالح جماعات مسلحة لم تعد تطيع أوامر الحركات التقليدية.
وفي نفس الوقت بدا أن القوات الإسرائيلية غير جاهزة ولم تكن مستعدة للتعامل مع عنف المستوطنين يوم الأحد، رغم التهديدات التي أطلقها قادة المستوطنين للزحف إلى حوارة ومحوها. وقدر الجيش الإسرائيلي عدد الذين شاركوا في الهجوم ما بين 300- 400 مستوطن ولم يعتقل سوى 10 منهم. وقال مصدر مجهول للصحافة الإسرائيلية إن الخطط التي جهزها الجيش شابها القصور.
وتضيف الصحيفة أن عددا من عناصر الحكومة الجديدة هم من المناصرين الأشداء للمستوطنين ويطالبون بضم الضفة الغربية بشكل كامل، إلى جانب تخفيف قواعد الاشتباك للجيش والشرطة ومعاقبة المسلحين الفلسطينيين. وخلقت محاولات الحكومة تحييد المحكمة أزمة دفعت بعشرات الآلاف للخروج إلى الشوارع نظرا للتداعيات على الديمقراطية في إسرائيل. وفي الوقت الذي دعا فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لعدم أخذ القانون باليد إلا أن أعضاء حكومته أشعلوا النيران أكثر. ودعوا الجيش لعدم “إظهار الرحمة” وزاروا المشهد دعما للمستوطنين. وبحلول الإثنين ذابوا مثل الملح، ولم يتبق في شوارع حوارة الفارغة سوى عربات الجيش التي تهدر على الطريق الرئيسي.
وعند مفرق تفواح، المستوطنة المعروفة بمظهرها العنيف في جنوب البلدة، كان المستوطنون بمسدساتهم والأسلحة الأوتوماتيكية يقفون مع وحدات الجيش الإسرائيلي، حيث كانوا يخططون للسير نحو حوارة مرة ثانية كجزء من جنازة الشقيقين، في وقت قتل فيه مستوطن آخر بجنوب الضفة. وقال صاحب محل تصليح سيارات في حوارة، يدعى صقر، 22 عاما، إن المستوطنين يشعرون بالجرأة أكثر بعد وصول المتطرفين إلى السلطة “يعتقدون أنهم يستطيعون عمل ما يريدون”.
وحذرت صحيفة “فايننشال تايمز” في تقرير أعده جيمس شوتر من أن هجوم المستوطنين قد يزيد من توسع العنف في الضفة الغربية. ونقلت عن غسان دغلس، المسؤول الفلسطيني الذي يرصد النشاطات في الضفة الغربية قوله إن الساعات الـ17 من العنف لم ير مثلها أبدا. وقال إن حوالي 30 بيتا حرقت إلى جانب حرق وتدمير عدد لا يحصى من السيارات. وقال “إنهم وحوش وكان يوما صعبا بالنسبة لنا”.
وأشارت الصحيفة إلى تحذير المعلقين في إسرائيل وساسة من تداعيات الذين شبهوه بأيام الإبادة في ألمانيا لليهود. وناقش ناحوم برنياع، المعلق البارز في صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن تقوية ساسة بارزين من جماعات المستوطنين جرأت من شاركوا في هجوم الأحد. وقال “على الحكومة أن تقرر من هي؟ هل هي مستعدة لفرض القانون والنظام على الفلسطينيين واليهود معا؟ أما أنها مجرد ورقة تين لشباب التلال الذين يفعلون ما يريدون في المناطق” الفلسطينية، في إشارة للمستوطنين الذين يحتلون التلال في الضفة الغربية وأعضاء في جماعات متطرفة.
وفي هذا السياق دعا زعيم المستوطنين بتسلئيل سموتريتش، الذي منح سلطة واسعة على الضفة إلى الرد بقوة وبدون رحمة وبالدبابات والمروحيات. في وقت اتهم عضو الكنيست عن “القوة اليهودية” الذي يتزعمه إيتمار بن غفير، زيفكا فوغل، نتنياهو بالضعف في “الرد على الإرهاب” ودعم المستوطنين. وقال “علينا التوقف عن استخدام كلمة “مناسب” لاستعادة الأمن. وعلينا نزع القفازات”. وقال “حوارة مغلقة ومحروقة” هو ما أريد رؤيته.
وقالت زعيمة حزب العمل ميراف ميكائلي إن حزبها سيطلب من المدعي العام التحقيق في تصريحات فوغل. وقالت “ما حصل ليلة أمس لم يكن أقل من إبادة قامت بها ميليشيات مسلحة يجلس ممثلوها في الحكومة اليوم. وبعضهم صمت وآخر سمح للآخرين بالقول إن هذا ضروري للردع”.
وقال المعلق يوأف ليمور من إسرائيل اليوم “هذا فشل” وسيؤدي للانفجار أكثر من أي هجوم في المنطقة العام الماضي”.
وأشارت صحيفة “التايمز” في تقرير لمراسلها أنشيل بيفر إلى حوارة التي تعتبر بلدة صاخبة بالحركة والنشاط التجاري ويعيش فيها 7.000 نسمة. وأضاف أن الجيش الإسرائيلي فرض حظر تجول غير رسمي ولم يخرج إلا القلة من بيوتهم. و”هذا يعد أكبر حادث عنف للمستوطنين”.
وقال ربيع الضميدي إنه كان مع والدته وأخواته الأربع في البيت عندما بدأ العنف في الساعة السادسة مساء وظل حتى منتصف الليل. وقال “لقد هشموا كل نوافذنا بالحجارة وحرقوا البيت بجانبنا” و”لم يكن سوى عدد قليل من الجنود الإسرائيليين في الشارع تحتنا ولكنهم لم يوقفوهم. وبدلا من ذلك صوبوا بنادقهم على الفلسطينيين وأطلقوا الرصاص المسيل للدموع”، وأصاب حجر وجه الضميدي.
ويشترك السكان بموقف أن الجيش لم يفعل شيئا. واعترف ضباط الجيش وإن بشكل خاص بفشلهم في تقييم حجم الهجوم مع أن قادة المستوطنين أعلنوا عنه. وقال ضابط “توقعنا حضورهم من الشارع كما فعلوا في السابق حيث تتمركز القوات، لكن الكثيرين جاءوا من التلال أيضا”.