سلطت وكالة “بلومبرغ” الضوء على الدور المتزايد لصندوق الثروة السيادية في السعودية، البالغ استثماراته نحو 600 مليار دولار، في بناء مستقبل ما بعد النفط في المملكة الخليجية.
وقالت الوكالة في مقال رأي نشر، الجمعة، للكاتب ماثيو مارتن، إن الصندوق ينفق بسخاء وبشكل غير مسبوق في أنحاء العالم في وقت نشهد فيه صعوبة في العثور على مستثمرين أثرياء.
استحوذ صندوق الاستثمارات العامة على فرق رياضية وشركات صناعة سيارات كهربائية ومول مدنا جديدة في الصحراء حيث يسعى إلى جمع 2 تريليون دولار من الأصول بحلول عام 2030.
سواء كانت كل هذه الاستثمارات تحقق عائدا كبيرا أم لا، فإن الهدف النهائي للصندوق هو تنويع اقتصاد المملكة المعتمد على النفط وإبراز النفوذ السعودي في جميع أنحاء العالم، وفق الكاتب.
كيف تغير الغرض من الصندوق؟
ويضيف الكاتب أن “ما كان ذات يوم شركة قابضة حكومية خاملة، أصبح الآن وسيلة لتحقيق طموحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بموجب خطة تُعرف باسم رؤية 2030”.
الغرض الرئيسي من الخطة، هو تحفيز الاستثمارات الداخلية والوصول إلى التقنيات الحديثة وتطوير الصناعات المحلية ومعالجة نقص العمالة الذي تعاني منه السعودية.
أحد المجالات التي يركز عليها الصندوق هو السياحة. ففي بلد كان حتى وقت قريب مغلقا إلى حد كبير أمام السياح الأجانب وكان الترفيه فيه من المحرمات، يستثمر الصندوق في المنتجعات الفاخرة ودور السينما والمجمعات الترفيهية لجذب المزيد من السياح ومنع السعوديين من البحث عن المتعة في الخارج.
استثمارات الصندوق
يعمل صندوق الثروة السيادية السعودي على تقليل استثماراته في أصوله القديمة في الشركات المحلية مثل البنك الوطني السعودي وشركة الاتصالات السعودية، بشكل تدريجي لتحرير الأموال واستغلالها في استثمارات أخرى.
تشمل هذه المشاريع الوطنية بناء مدينة نيوم بكلفة 500 مليار دولار وتعمل بالكامل على الطاقة المتجددة وتصدير الطاقة الخضراء.
كذلك استثمر الصندوق في شركات تكنولوجيا عالمية، وزادت قيمة استثماراته في شركة “لوسيد موتورز” الأميركية لصناعة السيارات الكهربائية إلى ما يقرب من 10 مليارات دولار، حيث تعتزم الشركة افتتاح مصنع في المملكة العربية السعودية.
يمتلك الصندوق أيضا حصصا في شركات تعمل في مجال صناعة ألعاب الفيديو والخدمات الرقمية وشركات بيع بالتجزئة مملوكة لأغنى رجل في آسيا رجل الأعمال الهندي موكيش أمباني.
ما الذي يجعل الصندوق استثنائيا؟
في حين أن الصناديق السيادية التقليدية تستثمر الثروة الوطنية الزائدة لتوليد أرباح في المستقبل، فقد أعيد توظيف صندوق الاستثمارات العامة كمستثمر عالمي بينما كانت الميزانية السعودية تعاني من عجز.
ونتيجة لذلك، تحولت البلاد إلى الاقتراض من أجل تحقيق أهداف النمو الخاصة بها، الأمر الذي سيتطلب منها الإنفاق بشكل كبير على مشاريع التنمية في الداخل.
استعانت السعودية بالفعل بالبنوك العالمية للحصول على قروض بمليارات الدولارات، وتمكنت في عام 2022 من جمع ثلاثة مليارات دولار من عمليات بيع سندات خضراء لأول مرة.
يقول الكاتب إنه “في حين يرى كثيرون أن من غير المألوف أن يقوم أحد الصناديق السيادية المدعومة من دولة نفطية بجمع الأموال من مستثمرين مهتمين بالمناخ، إلا أن صندوق الاستثمارات العامة السعودية يعد الداعم الرئيسي لمعظم استثمارات المملكة في مجال الطاقة المتجددة.
من خلال نيوم، تمول المملكة أحد أكبر المشاريع في العالم لإنتاج وقود الهيدروجين دون التسبب في أي انبعاثات ضارة.
التربع على عرش الأكبر في العالم
تضاعفت أصول الصندوق أربع مرات تقريبا منذ عام 2015 لتصل إلى أكثر من 600 مليار دولار.