تشهد الدوحة اليوم الأحد نهاية البطولة الأكبر في عالم كرة القدم “كأس العالم”، بمواجهة صعبة و”جميلة” بين الأرجنتين بقيادة ليونيل ميسي وفرنسا بقيادة كيليان مبابي، وذلك بعد شهر من مونديال مليء بالمفاجآت كان أبرزها وصول المنتخب المغربي لدور نصف النهائي وتألق المنتخبات الآسيوية.
تسدل الستارة الأحد على نهائيات مونديال قطر بمواجهة الحلم بين الأرجنتيني ليونيل ميسي وزميله في باريس سان جرمان الفرنسي كيليان مبابي، وذلك بعد شهر من المنافسات المثيرة المليئة بالمفاجآت، أبرزها المنتخب المغربي الذي خطف الأضواء.
الأرجنتين مقابل فرنسا، نهائي الحلم
كانت المواجهة بين الأرجنتين وفرنسا على الأرجح أجمل مباراة في مونديال روسيا 2018 وقد حسمها مبابي ورفاقه 4-3، ليحجزوا بطاقتهم إلى ربع النهائي في طريقهم لمنح بلادهم لقبها العالمي الثاني.
وبعد أكثر من أربعة أعوام بقليل (نتيجة إقامة المونديال نهاية العام عوضا عن فصل الصيف)، يتجدد الموعد بين المنتخبين الأحد على ملعب لوسيل، حيث سيتواجه ميسي مع مبابي الذي بات زميله بعد انتقال الأرجنتيني من برشلونة إلى سان جرمان في صيف 2021.
وبعدما تخلص من عقدة الفشل في إحراز الألقاب مع المنتخب الوطني بتتويجه بطلا لبطولة كوبا أمريكا 2021، يسعى ميسي إلى إنهاء مشاركته الخامسة في كأس العالم بأفضل طريقة من خلال منح بلاده لقبها الأول منذ 1986، لكن مبابي سيحاول جاهدا أن يعكر خططه وأن يجعل من “الديوك” أول منتخب يحتفظ باللقب منذ البرازيل عام 1962.
بالنسبة لمهاجم فرنسا أنطوان غريزمان “ستكون مباراة جميلة لخوضها، مباراة جميلة لمشاهدتها، وأعتقد أنها ستكون مباراة نهائية جميلة”.
والسؤال الذي يفرض نفسه بطبيعة الحال من هو المنتخب الذي سيضع نجمة ثالثة على قميصه؟
هدافان من ذهب
سيكون النهائي مسرحا أيضا لمعركة الفوز بلقب هداف النهائيات بين ميسي ومبابي اللذين يتقاسمان الصدارة حاليا بخمسة أهداف لكل منهما، ما يعطي لقاء الأحد طابعا خاصا على الصعيد الفردي وسيخدم المصلحة الجماعية في نهاية المطاف في حال سجل أحدهما، أو سجلا معا.
ويشكل الفوز بجائزة الهداف واللقب العالمي دفعا هائلا لأي منهما في السباق على الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، حيث يسعى ميسي عن 35 عاما إلى نيلها للمرة الثامنة في مسيرته الأسطورية، فيما يبحث مبابي (23 عاما) عن الانضمام إلى نادي الفائزين بها للمرة الأولى.
وإذا فشل اللاعبان في الوصول إلى الشباك في موقعة لوسيل، ستكون الفرصة سانحة أمام زميليهما أوليفييه جيرو وخوليان ألفاريس لانتزاع جائزة الهداف بما أن كلا منهما يملك في رصيده 4 أهداف.
ملحمة المغرب
بمؤازرة هائلة من جمهوره الذي جعله يشعر كأنه يلعب على أرضه، كان المنتخب المغربي مفاجأة النهائيات القطرية من دون منازع بعدما تصدر مجموعته أمام كرواتيا وصيفة 2018 وبلجيكا الثالثة التي انتهى مشوارها عند الدور الأول، قبل أن يقصي العملاقين الإسباني والبرتغالي في الدورين ثمن وربع النهائي.
ودخل رجال المدرب وليد الركراكي التاريخ بعدما بات المغرب أول منتخب أفريقي وعربي يصل إلى نصف النهائي، لكن المغامرة انتهت على يد فرنسا بالخسارة أمام أبطال العالم صفر-2، ويكتفي بالمركز الرابع في البطولة إثر خسارته أمام كرواتيا السبت 2-1.
وعن المشوار التاريخي لفريقه، قال الركراكي “كانت لدينا هذه الطاقة من الأفارقة، العالم العربي، الذين مدونا بهذه الموجات الإيجابية… في مرحلة ما، أراد الجميع أن يفوز هذا الفريق”.
واستحق “أسود الأطلس” دخول التاريخ بفضل روحهم القتالية وأدائهم الدفاعي الرائع الذي أبقى شباكه عصية على المنافسين حتى مباراة نصف النهائي، بما أن الهدف الوحيد الذي تلقوه كان بالنيران الصديقة ضد كندا (1-2) في دور المجموعات بعدما حول نايف أكرد الكرة في شباكه عن طريق الخطأ.
مفاجآت آسيوية بالجملة
صحيح أن المغرب كان صاحب المفاجأة الأكبر في النهائيات، لكنه لم يكن الوحيد الذي خالف التوقعات في قطر. إذ كانت مشاركة المنتخبات الآسيوية لافتة جدا، بدءا من السعودية التي صدمت ميسي ورفاقه في مستهل المشوار بإسقاطهم 2-1، لكنها لم تبنِ على هذه النتيجة لبلوغ ثمن النهائي، فخسرت مباراتيها التاليتين وودعت.
المفاجأة الآسيوية الأكبر كانت يابانية بالتأكيد، إذ وبعدما تمكن الساموراي الأزرق من قلب الطاولة على ألمانيا بطلة العالم أربع مرات بالفوز عليها 2-1 ما تسبب لاحقا في انتهاء مشوارها عند دور المجموعات، عاد وكرر السيناريو أمام إسبانيا بطلة 2010 بالفوز عليها 2-1 ليحجز بطاقته إلى ثمن النهائي حيث انتهى المشوار على يد كرواتيا بركلات الترجيح.
أما كوريا الجنوبية، شريكة اليابان في استضافة نهائيات 2002، فحققت المفاجأة في الجولة الأخيرة من دور المجموعات بإسقاطها برتغال كريستيانو رونالدو 2-1، ما سمح لها بالتأهل على حساب الأوروغواي بطلة العالم مرتين، لكن المشوار انتهى بقساوة على يد البرازيل (1-4).
وحملت الجولة الأخيرة من دور المجموعات مفاجأة مدوية أخرى بفوز تونس على فرنسا 1-0 في لقاء خاضته الأخيرة بتشكيلة رديفة بما أنها كانت ضامنة تأهلها، لكن هذا الانتصار التاريخي لم يكن كافيا لـ”نسور قرطاج” من أجل العبور إلى ثمن النهائي لأول مرة في تاريخهم.
مونديال الحراس؟
صحيح أن الحديث دائما ما يكون عن نجوم مثل ميسي، مبابي، البرازيلي نيمار أو الكرواتي لوكا مودريتش الذي أنهى حلم “سيليساو” بلقب أول منذ 2002 وسادس في تاريخه بإقصائه من ربع النهائي، لكن ذلك لا يقلل من أهمية ما قدمه حراس المرمى في نهائيات قطر لاسيما في الأدوار الإقصائية.
إحصائية تلخص أهميتهم: تم التصدي بنجاح لربع ركلات الجزاء (من دون احتساب ركلات الترجيح وركلات الجزاء التي لم تسدد على المرمى)، أي 5 من أصل 20 محاولة، مقابل 4 من 29 في روسيا 2018.
وكان كل من ياسين بونو (المغرب) ودومينيك ليفاكوفيتش (كرواتيا) وإميليانو “ديبو” مارتينيس (الأرجنتين) وأندريس نوبرت (هولندا) أو القائد الفرنسي المخضرم هوغو لوريس عناصر حاسمة في هذه النهائيات.
وقال الحارس الدولي الكولومبي السابق فريد موندراغون، عضو مجموعة الدراسات الفنية في الاتحاد الدولي “فيفا”، إنها “كأس عالم استثنائية لحراس المرمى. كان حراس المرمى الأربعة الذين قادوا فرقهم إلى الدور نصف النهائي، حاسمين جميعا وعازمين من خلال تصدياتهم، لكن أيضا في مساهمتهم ببناء (الهجمات)”.