هلا نيوز
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا قالت فيه إن القطريين يشعرون بالقلق من وابل النقد الموجه لبلدهم من الغرب بسبب معاملة المهاجرين وسجل حقوق الإنسان ويرون أنه يعبر عن التمييز العنصري والنفاق.
وجاء في التقرير الذي أعدته فيفين نيريم أن رود ستيورات عندما عرض عليه مليون دولار للغناء في احتفالات افتتاح حفل مباريات كأس العالم رفضها. وقال ستيورات لصحيفة “صاندي تايمز”: “لم يكن صائبا الذهاب” وكان واحدا من نجوم أعلنوا عن مقاطعتهم أو عبروا عن شجبهم لقطر، الدولة الخليجية المضيفة للمونديال. وفي مقدمة المونديال التي بدأت نهاية الأسبوع الماضي واجهت قطر وابلا من النقد بسبب سجل حقوق الإنسان والموقف من المثليين وتوثيق انتهاكات العمال الوافدين.
لكن ستيوارت لم يعبر عن شجب مماثل عندما غنى في دبي عام 2010 وأبو ظبي عام 2017 وهما المدينتان القريبتان من الدوحة، وفي بلد يواجه اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان، ولكن الإمارات أنشأت صورة محببة للغرب. ورفض ستيوارت التعليق عبر شركته للعلاقات العامة.
وهذا النوع من التنافر هو ما أحبط الكثير من القطريين الذين قالوا إن المباريات جلبت الكثير من التغطية السلبية، ورسمت صورة سلبية عن بلد بات من الصعب عليهم التعرف عليه.
ويقول القطريون إن ما رأوه هو ازدواجية في المعايير، ويتساءلون عن السبب الذي يجعل أوروبا تقبل على شراء الغاز الطبيعي من بلدهم لو كانوا يعرفون بسجلها الحقوقي لدرجة أنهم لا يستطيعون متابعة مباريات كرة القدم في الدوحة. ولماذا لم تتحدث الرموز الدولية ضد قطر بنفس الطريقة عن الإمارات العربية المتحدة؟
وقالوا إنهم كانوا يأملون بأن يؤدي عقد أول مونديال لكرة القدم في العالم العربي إلى محو النمطيات عن بلدهم والعرب والمسلمين. ولكن المباريات عملت العكس. وفي خطاب الشهر الماضي، شجب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الحملة غير المسبوقة التي لم يتعرض لها أي بلد مضيف أبدا. وفي حديثه مع صحيفة ألمانية قال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن بعض النقد الموجه لبلاده يعبر عن عنصرية وغطرسة.
وقال المنظمون للمباريات إنهم يتوقعون وصول 15.000 صحافي أجنبي إلى قطر، التي يبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة. وكان فيض التقارير غامرا لبلد لا يذكر كثيرا في الأخبار. ولهذا السبب أراد القطريون استضافة المناسبة، لأن هذا جزء من استراتيجية لجعل البلد الصغير لاعبا مهما على الساحة الدولية، وهي استراتيجية تمولها أموال الغاز. إلا أن رد الإعلام لم يكن حسبما تريده قطر. وعندما سئل مذيع فرنسي على الهواء عن انطباعه عن البلد، رد بأن “هناك الكثير من المساجد”. وفي تعليق على صورة، قالت صحيفة “التايمز” اللندنية “لم يتعود القطريون على مشاهدة النساء بالزي الغربي في بلدهم”، وهي جملة تم تعديلها لاحقا، مع أن نسبة السكان الأجانب في البلد يمثلون نسبة 85% من عدد السكان ومشهد النساء المرتديات الجينز واللباس القصير معروف، على خلاف الجارة السعودية.
وقال جاستن مارتن، الأستاذ المشارك في الصحافة بمعهد الدوحة للخريجين “يقوم الكثير من الصحافيين بوضع كل الدول العربية في سلة واحدة. وهو ما يدل على الجهل الكبير والاستعارات الاستشراقية”. وحتى القطريون الذين يتقبلون النقد كطريقة لتحسين وضعهم والتطوير شعروا بالغضب من التغطية الإعلامية والتي يعتقدون أنها قائمة على التحيز والعنصرية والإسلاموفوبيا والاستشراق. ففي مقال نشرته صحيفة تابلويد بريطانية شجبت قوانين قطر “المتوحشة”، وهي إشارة تم تغييرها لاحقا لـ”القاسية”.
وعلى تلفزيون تولك تي في الذي يملكه روبرت ميردوخ، وهي قناة صغيرة بعدد قليل من المشاهدات، تساءل مقدم برنامج قائلا: “كم من الاحترام الواجب علينا تقديمه لثقافة نعتقد أنها، بصراحة، بغيضة؟” وكان يعلق على لقطة تلفازية حول معاملة قطر للمثليين.
وقال خليفة الهارون الذي يدير موقعا للزوار “أي لاف قطر” (أنا أحب قطر) “قلقي الأكبر هو أن كل هذه العنصرية أو المقالات التي ينظر إليها كعنصرية ستحرف النظر عن القضايا الحرجة”. وحب بلده يعني حل مشاكلها، ويعتقد أن التركيز على حقوق العمالة الوافدة قاد إلى تغييرات إيجابية، لكنه شعر بالغضب من التغطية التبسيطية المغلفة بالعنصرية “كيف يمكننا التركيز على المشاكل عندما يتعلق الحديث بالنغمة والإسهاب والكلمات المستخدمة”.
ويعتقد مارتن، أستاذ الصحافة أن جزءا من السبب وراء التغطية الشرسة نابع من نقل المباريات الصيفية إلى الشتاء، وأغضب المشجعين والصحافيين الرياضيين لأن القرار عرقل المناسبات الرياضية في دول أخرى. وكان هناك عداء حول عدم توفر الكحول في قطر، الدولة المحافظة نسبيا كما قال.
ولم ترد صحيفة “التايمز” اللندنية أو تولك تي في على أسئلة الصحيفة للتعليق. وقال القطريون إن الصور النمطية أدت إلى إحداث أضرار أيضا. ورحبت المجلة الرياضية البريطانية “وين ساتردي كومز” بكأس العالم بتصوير لرجلين بأنفين كبيرين وشخصين بالزي العربي يدفعان عربة مليئة بالنقود. واستخدمت قناة الجزيرة الصورة المتحيزة عندما بثت مقابلة مع حسن الذوادي، رئيس اللجنة العليا للمشاريع والإرث، المسؤولة عن تنظيم كأس العالم. وقال الذوادي “هناك فكرة نمطية مغروسة في العالم الغربي لأجيال وعصور”. مضيفا “بشكل عام، فالمفهوم هو عن شعوب ليست متحضرة والشيء الوحيد الإيجابي عنهم هو المال”.
ورفض أندي ليونز، محرر “وين ساتردي كومز” الاقتراح وأن الصورة لعبت على النمطية. وقال إن رسام الكاريكاتير يرسم معظم الشخوص بأنوف ضخمة، أما المال فهو تعبير عن الرشوة التي قدمها المحققون الأمريكيون وفيفا نفسها لأعضاء مجلسها لزيادة عدد أعضائه في عملية اختيار الدولة المضيفة.
وتعلق الصحيفة أن الدول المضيفة تعرضت لانتقادات بمستويات مختلفة، فقد انتقدت جنوب أفريقيا على غياب إجراءات السلامة، أما البرازيل فعلى الفساد والجريمة وروسيا انتقدت بسبب القمع السياسي والموقف من المثليين ووحشية الشرطة قبل بدء مباريات عام 2018.
ولكن النقد الغربي للعرب والقطريين مرتبط بالضرر الذي تسبب فيه تمثيل صورتهم في شمال أمريكا والدول الأوروبية. لكن البعض يرى أن التركيز على التغطية المتحيزة يساعد الحكومة على إثارة النزعة القومية وحرف النظر عن التمثيل السياسي ومعاملة المثليين ووضع المرأة والتي وإن احتلت مراكز لكنها بحاجة لإذن وليها للزواج.
وقالت ميرا الحسين، الباحثة الاجتماعية بجامعة أوكسفورد “أعتقد أننا معذورون عندما نغضب من العنصرية والاستعارات الاستشراقية النابعة من النقد الغربي ضد قطر في الفترة الأخيرة” و”لكننا لا نستطيع تجاوز الحقيقة” وهي أن قطر وبقية دول الخليج تكون في عناوين الأخبار بسبب “سجل حقوق الإنسان المثير للشفقة