هلا نيوز – وكالات
سيف الدين صوالحه – نقشت الصناعة الأردنية منذ بواكير تأسيس البلاد قصة وطنية مليئة بالإنجاز والنجاح والتميز، حيث انتقلت من التصنيع اليدوي في عشرينيات القرن الماضي لمنتجات تغزو أسواق العالم حاليا.
ويسجل للقطاع الصناعي انه كان أحد الركائز الأساسية لاقتصاد الدولة الأردنية، حيث وجد أول نشاط صناعي في البلاد عام 1920، من خلال مصنع لدباغة الجلود بشكل يدوي، تبعه بعد ذلك إقامة أول مطبعة في تاريخ المملكة عام 1922 تحت مسمى “مطبعة الأردن”، وبعدها تتابعت النشاطات الصناعية بمختلف القطاعات.
ويسهم القطاع الصناعي الذي تصل منتجاته لأكثر من 150 سوقا بالعالم، بما يقارب 25 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، فيما يستحوذ على 90 بالمئة من الصادرات الوطنية للمملكة.
وقال رئيس غرفة صناعة الأردن المهندس الجغبير لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن القطاع الصناعي اليوم أحد أكبر القطاعات الإنتاجية في المملكة وبقدرات تصل لما يقارب 18 مليار دينار كإنتاج صناعي قائم سنوياً، تشكل منها القيمة المضافة نحو 46 بالمئة.
وأضاف أن القطاع الصناعي واصل مسيرة تطوره، وبات اليوم ينتج 1500 سلعة بسواعد أردنية من مختلف الأنشطة والقطاعات الصناعية الفرعية، من خلال 22 ألف منشأة صناعية منتشرة بمختلف مناطق المملكة يعمل فيها أكثر من 268 ألف عامل وعاملة غالبيتهم من الأردنيين.
وأوضح الجغبير الذي يرأس كذلك غرفة صناعة عمان، أن ما يؤكد تطور الصناعة الأردنية وتنافسيتها اعتبار قطاع الصناعات التحويلية الأول في الشرق الأوسط من حيث مستوى القيمة المضافة بحسب تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي خلال السنوات الماضية.
وبحسب الجغبير، ارتفعت الصادرات الصناعية الأردنية من نحو 7 ملايين دينار عام 1964، إلى 7.7 مليار دينار العام الماضي 2024، ما يشير للدعم الملكي المستمر للقطاع الصناعي لتحقيق مبدأ الاعتماد على الذات.
ورأى أن نجاح قصة الصناعة الأردنية ووصولها الى ما هي عليه اليوم، يعود للعديد من الممكنات أبرزها اهتمام القيادة الهاشمية وعلى رأسها جلالة الملك عبدالله الثاني، حيث كان لجلالته دور رئيس في تحسين وتطوير بيئة منافسة للاستثمار والأعمال ودعم المنتج المحلي ما مكنها من النمو.
وأوضح ان جلالة الملك عمل على تعزيز شراكة المملكة مع مختلف دول العالم وتبنى سياسات الانفتاح التجاري بانضمام الأردن لعضوية منظمة التجارة العالمية وتوقيع الاتفاقيات التجارية الثنائية والمتعددة، ما أسهم في فتح أبواب وآفاق واسعة أمام المنتجات الوطنية، ما جعلها تعبر للأسواق العالمية وتعزز وجودها فيها.
وأشار إلى أن استقطاب الاستثمارات والحفاظ على القائم منها على سلم اولويات جلالته ما انعكس إيجاباً على استقطاب الكثير من الشركات وأصحاب الأعمال والمستثمرين للعمل من خلال الأردن للوصول إلى الأسواق التصديرية والاستفادة من الاتفاقيات التي وقعتها المملكة مع مختلف التكتلات الاقتصادية العالمية.
ولفت رئيس الغرفة إلى متابعات جلالته المستمرة لقضايا القطاع الصناعي وزياراته الميدانية للمصانع ما شكل دعامة قوية للصناعة الأردنية، إلى جانب توجيهاته بشكل دائم للحكومات بأهمية تسهيل أعمال القطاع الصناعي وتجاوز اية معيقات تواجهه.
وأوضح أن عوامل الاستقرار والأمن وتوفر الأيدي العاملة والقوى البشرية عوامل أخرى أسهمت في بناء صناعة أردنية منافسة بالمنطقة وعزز من قدرتها على التكيف مع الأزمات والتحديات التي مرت على المنطقة.
ولفت لدور الغرف الصناعية باعتبارها داعم رئيس في ايصال مطالب القطاع الصناعي وتمثيله بالشكل الذي يتواءم مع امكاناته وتطوره، والدفاع عن مصالحهم في المحافل المحلية والدولية، وتعزيز البيئة التنظيمية للصناعة.
واشار الجغبير إلى تأسيس غرفة صناعة الاردن عام 2005 لتضم تحت مظلتها جميع الغرف الصناعية ومختلف المنشآت الصناعية بالمملكة، بهدف تمثيل الصناعة محليا وخارجيا ورعاية مصالح القطاع الصناعي والدفاع عن حقوقه وبما بسهم بتنمية وتطوير الصناعة الأردنية.
وقال “استكمالاً لقصة نجاح الصناعة الأردنية، تم وضع القطاع الصناعي على رأس اولويات رؤية التحديث الاقتصادي، كأحد أهم ركائز النمو والتنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، حيث تسعى إلى رفع إنتاجية القطاع من 5.3 مليار دينار الى 11.1 مليار دينار مع حلول عام 2033”.
وأشار إلى أن رؤية التحديث الاقتصادي حددت مسارات أخرى للصناعة الأردنية، حيث سيتم زيادة صادراتها من 4.8 مليار دينار عام 2021، لنحو 19.8 مليار دينار بحلول عام 2033، إلى جانب استحواذ القطاع الصناعي على ما يقارب ثلث فرص العمل التي استهدفتها رؤية التحديث الاقتصادي بعدد 314 ألف عامل.
ولفت إلى أن دعم الصناعة والمحافظة على مسار نموها يتطلب معالجة العديد من القضايا التي تحد من نموها وتوسعها، مبينا أن تجاوزها سيمكن القطاع الصناعي من لعب دور اكبر في دعم الاقتصاد الوطني لجهة الإنتاج والاستثمار والتصدير والتشغيل.
وأكد أن القطاع الصناعي لا زال يمتلك المزيد من الفرص الذهبية للتطور، ما يتطلب أهمية تنفيذ مبادرات رؤية التحديث الاقتصادي لتعزيز تنافسية منتجاته وتمكينها من بناء قاعدة صلبة لانطلاقة جديدة نحو تحقيق معدلات نمو أعلى والاستفادة من الفرص الكامنة داخليا وبالأسواق الخارجية.
وأشار إلى أهمية تعزيز التنافسيّة وخفض كلف الإنتاج، وتحسين بيئة الأعمال ووضع برامج للترويج وزيادة جاهزية التصدير والمشاركات المحلية والدولية في المعارض التجارية، ورفع مستويات العمالة ومعدلات التشغيل.
وشدد على ضرورة تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل بشكل فعلي وخاصة مع الدول التي لا تزال تضع عقبات أمام دخول المنتجات الأردنية إلى أسواقها كخطوة لتعزيز مبدأ المنافسة العادلة للصناعة الأردنية.
وعبر الجغبير عن تفاؤله بالمرحلة المقبلة، في ظل الإجراءات الاقتصادية الايجابية التي اتخذتها الحكومة منذ تكليفها، وسعيها الجدي لمعالجة كلف الإنتاج وتركيزها على تقديم فرص حقيقية تضمن التوسع للقطاع الصناعي، وحماية الصناعة وتمكينها بالقرارات الداعمة والتشريعاتِ المستقرَّة والمحفِّزة، لقيادة مسيرةَ البناءِ والتنميةِ الاقتصادية، وتحديث المسار وتوجيه بوصلة الاقتصاد الوطني من خلال تنفيذ رؤيةِ التحديثِ الاقتصادي.