يواجه نحو ألف عامل ملتحقين بالعمل في الشركات المساندة لشركة الكهرباء الأردنية هضما لحقوقهم المكفولة، بفعل ممارسات إدارية تخالف أحكام القانون.
ويضطر العمال لقبول العمل وما يفرض من إجراءات تمارسها الشركات، جراء حاجتهم القصوى للحصول على “باب رزق” يعيلون من خلاله أنفسهم وعائلاتهم بالحد الأدنى من العيش، وفقا لبترا.
وتم رصد حالات ظلم يتعرض لها العمال لعل أبرزها توقيع عقود عمل مع مخالصة واستقالة بعدم المطالبة بجميع حقوقهم دون الحصول عليها وبدون تاريخ، ومنع العامل من الحصول على نسخة من العقد ولا يحق له أن يقرأ بنوده، وعدم الحصول على إجازات سنوية أو مرضية فيما البعض لا يصرف له علاوة خطورة العمل.
وفي الوقت الذي طالبت به وزارة العمل، العمال بتقديم شكوى على منصة حماية ليتم إجراء زيارة تفتيشية على المنشأة للتحقق من نسخة من العقود أو المخالصة، امتنعت النقابة العامة للعاملين في الكهرباء من الرد على (بترا)، لمعرفة دورها في حماية العمال ومتابعة حقوقهم.
وتخالف هذه الشركات المادة 15 من قانون العمل الأردني بالنسبة لعقد العمل الذي يجب أن ينظم عقد العمل باللغة العربية وعلى نسختين على الأقل يحتفظ كل من الطرفين بنسخة منه، ويجوز للعامل إثبات حقوقه بجميع طرق الإثبات القانونية إذا لم يحرر العقد كتابة.
كما يعتبر العامل المعين لمدة غير محدودة بأنه مستمر بعمله إلى أن تنتهي خدمته بموجب أحكام هذا القانون، أما في الحالات التي يستخدم فيها العامل لمدة محدودة فيعتبر انه مستمر في عمله خلال تلك المدة.
وإذا كان عقد العمل لمدة محدودة فإنه ينتهي من تلقاء نفسه بانتهاء مدته فإذا استمر طرفاه في تنفيذه بعد انقضاء مدته اعتبر ذلك تجديداً له لمدة غير محدودة وذلك من بداية الاستخدام.
وتخالف الشركات المادة 61 من قانون العمل التي تنص على أنه لكل عامل الحق بإجازة سنوية بأجر كامل لمدة أربعة عشر يوماً عن كل سنة خدمة إلا إذا تم الاتفاق على أكثر من ذلك على أن تصبح مدة الإجازة السنوية 21 يوماً إذا أمضى في الخدمة لدى صاحب العمل نفسه خمس سنوات متصلة، ولا تحسب أيام العطل الرسمية والأعياد الدينية وأيام العطل الأسبوعية من الإجازة السنوية إلا إذا وقعت خلالها.
وتخالف هذه الشركات المادة 65 التي تنص على أنه لكل عامل الحق في إجازة مرضية مدتها أربعة عشر يوماً خلال السنة الواحدة بأجر كامل بناء على تقرير من الطبيب المعتمد من قبل المؤسسة، ويجوز تجديدها لمدة أربعة عشر يوماً أخرى بأجر كامل إذا كان نزيل إحدى المستشفيات وبنصف الأجر إذا كان بناء على تقرير لجنة طبية تعتمدها المؤسسة ولم يكن نزيل إحدى المستشفيات.
كما تخالف المادة 78 الفصل التاسع السلامة والصحة المهنية من عدم توفير وسائل الحماية الشخصية والوقاية للعاملين من أخطار العمل وأمراض المهنة كالملابس والنظارات والقفازات والأحذية وغيرها وعدم إحاطة العامل قبل اشتغاله بمخاطر مهنته وسبل الوقاية الواجب عليه اتخاذها .
وقال أحد العاملين “قارئ عدادات” انه يعمل في الشركة منذ 7 سنوات براتب إجمالي 320 دينارا بعد اقتطاع اشتراك الضمان ويحق له 14 يوما إجازة سنوية ومرضية، مؤكدا أنه يتم إجباره على توقيع عقد عمل كل شهرين ومخالصة بعدم المطالبة بكافة حقوقه إضافة إلى تقديم استقالته من دون تاريخ، والامتناع عن منحه نسخة من العقد.
بدوره، أوضح العامل (ح . م) “فني طوارئ وكهرباء حي”، انه يعمل منذ 8 سنوات ويوقع على مخالصة انه استلم جميع حقوقه العمالية كل سنة قبل تجديد عقد العمل المكون من 7 صفحات دون الحصول على نسخة العقد، ولا يسمح له أن يقرأ بنود العقد بعد التوقيع.
وقال “إن الشركة تعطي العامل عشرة دنانير زيادة بموجب العقد لكن العامل يكون مضطرا إلى التضحية بإجازته السنوية المقررة حسب العقد حتى يحصل على الزيادة المقررة”، مبينا أن الشركة لا توفر للعامل شروط السلامة المهنية في حال تعرضه لإصابة عمل وخاصة عند التعامل مع ” الكهرباء الحي “.
أما أبو محمد وهو “أربعيني وأب لطفلين” وحاصل على الشهادة الجامعية، يعمل في إحدى الشركات منذ 11 عاما، ووقع مع الشركة عقدا سنويا براتب 266 دينارا من دون حصوله على أي إجازات سنوية أو مرضية ولا على علاوة خطورة العمل ولا حتى إمكانية الحصول على كشف للراتب.
وأشار إلى أن أيام العمل “قارئ العدادات” تبدأ يوم الرابع من الشهر وتنتهي يوم الثامن والعشرين منه”، والشركة تقوم بخصم الأيام المتبقية من الشهر الذي يليه من الإجازات والراتب.
وقال عامل آخر وهو مدخل بيانات، أن الشركة طلبت منه ترك العمل بعد 12 سنة من دون أن يحصل على أي تعويض كونه كان مضطرا للتوقيع على مخالصة قبل أي تجديد.
وبين انه بدأ عمله براتب الحد الأدنى للأجور إلى أن وصل راتبه آخر عامين حوالي 520 دينارا، وعند انتهاء عمله ومراجعة مؤسسة الضمان وجد أن اقتطاع الضمان كان على راتب 370 دينارا.
واضطر أحد العاملين بمهنة قارئ عدادات توقيع عقد عمل شهري مع مخالصة كاملة عن جميع الحقوق بالنسبة للإجازات السنوية والعوائد المادية، لافتا إلى أنه ومجموعة من زملائه وبناء على طلب الشركة قاموا بالتوقيع على كمبيالة بقيمة 10 آلاف دينار لصالح الشركة.
من جهته، طالب الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل جميل القاضي العمال بتقديم شكوى على منصة حماية، ليتم إجراء زيارة تفتيشية على المنشأة للتحقق من نسخة من العقود أو المخالصة، مشددا على العاملين بأهمية الحصول على أي نسخة من العقود أو المخالصة.
وقال إن قرار تصنيف المهن والأنشطة الاقتصادية الصادر من وزير العمل، أخيرا، لم يستثن أي قطاع من الأنشطة الموجودة في المملكة، وأما عن تبعية العمال للنقابات فهي حرية نقابية لا تتدخل الوزارة بها ويعد شأنا داخليا للعمال ونقاباتهم من خلال الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن.
وأضاف أن وزارة العمل لا تتهاون مع أي مخالف للقوانين والأنظمة من أصحاب العمل، حيث أن غرفة العمليات والسيطرة في وزارة العمل تعمل بشكل مستمر لاستقبال الشكاوى من قبل العمال بهذا الخصوص من خلال منصة حماية.
وشدد القاضي على أهمية حماية حقوق العمال، من خلال تقديم شكوى، للقيام بزيارة من قبل مفتشي العمل والوقوف على حيثيات الشكوى واتخاذ الإجراء القانوني اللازم.
بدوره، أكد مدير المركز الإعلامي لمؤسسة الضمان الاجتماعي ياسر عكروش، أن من ضمن المهن الخطرة حسب قانون الضمان “كهربائي الشبكات الخارجية والضغط العالي/ كهربائي محطات التوليد والنقل والتوزيع” .
إلى ذلك، قال رئيس بيت العمال حمادة أبو نجمة أن هذه الشركات تعمل بنظام التعهيد، حيث تقوم شركة أو مؤسسة إنتاجية أو خدمية لجهة خارجية متخصصة (شركة التعهيد) بأداء بعض من أعمالها بالنيابة عنها، والتعاقد مع العمال الذين تحتاجهم لهذه المهمة، ويكون العمال تابعون لشركة التعهيد وليس للشركة المستفيدة من الخدمة.
وأوضح أن شركات التعهيد لا تعد من الجهات التي تقدم خدمات التشغيل للعمال كوسيط، كما هو حال مكاتب التشغيل الخاصة، بل تعد صاحبة عمل بالنسبة للعمال، وبالتالي فهي شركات ترخص كأي شركة أخرى بموجب قانون الشركات.
وبين أن هذا النوع من الاستخدام يتنامى بشكل مضطرد في دول مستقبلة بشكل كثيف للعمالة المهاجرة، بهدف تخفيف الأعباء الإدارية عن الشركات وشؤون العاملين فيها، إلا أن السلبيات التي يمثلها ذلك بالنسبة للعمال لا يمكن نكرانها، نتيجة انعدام الأمن الوظيفي، والضغط على رواتبهم وحقوقهم وتعرضهم للاستغلال، كونها تتيح لأصحاب العمل التهرب من الالتزامات القانونية المتعلقة بحقوق العمال، نظرا لأن العمال يرتبطون بعقود عمل مع شركة التعهيد بينما يؤدون عملهم لصالح الشركة المشغلة وتحت إدارتها ويتلقون أوامر العمل منها، ورغم ذلك لا يستطيعون مطالبتها بحقوقهم.
وقال “في حال اتسع هذا النوع من الاستخدام فإنه قد يصبح في كثير من الأحيان وسيلة لتحكم وسيطرة شركة من هذه الشركات أو مجموعة منها بصورة غير مباشرة على سوق العمل والعمالة في بعض القطاعات، واحتكار التشغيل فيها، ويعيق حق التعاقد المباشر بين العمال والجهات المشغلة”.
وأشار إلى أن بعض القطاعات شهدت حالات استغلال وتهرب من الالتزامات القانونية في هذا المجال، تمثلت في استخدام العمال من خلال شركات التعهيد في بعض الشركات بشروط عمل وحقوق تقل عن نظرائهم العاملين بتعاقد مباشر مع الشركة المشغلة.
ولفت إلى أن الشركات المشغلة تستخدم هذا الأسلوب في الحصول على العمالة التي تحتاجها لغايات التهرب من شمولهم بالحقوق والامتيازات التي توجبها أنظمتها الداخلية واتفاقيات العمل الجماعية التي أبرمتها مع النقابات العمالية على مدى السنوات الماضية وتحقق من خلالها امتيازات إضافية، تعدمن الناحية القانونية حقوقا مكتسبة لكل العاملين.
وأشار إلى أحكام فصل عقد العمل الجماعي في قانون العمل، وبشكل خاص المادة 42 التي اعتبرت أن عقد العمل الجماعي يشمل العمال في الشركة أو القطاع حتى لو لم يكونوا أعضاء في النقابة العمالية.
وأكد أبو نجمة أن هذه الأحكام تشمل كذلك العمال الذين يرتبطون بعقود عمل فردية بشروط عمل أقل فائدة لهم، والتي اعتبرت كذلك باطلا، حيث أن كل شرط مخالف لعقد العمل الجماعي ورد في عقد عمل فردي ما لم يكن الشرط أكثر فائدة للعامل”.