منوعات – هلا نيوز
هاجم مسلحون الأحد كنيسا يهوديا في منطقة داغستان بإقليم شمال القوقاز الروسي، وذلك في عملية جديدة استهدفت اليهود القوقاز.
الهجوم استهدف أيضا، وفق وكالة رويترز، كنيسة أورثودوكسيّة ومركزا للشرطة وأوقع ستة قتلى بين رجال الأمن.
هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف يهود داغستان، إذ اقتحم عشرات المتظاهرين، في أكتوبر الماضي، مطار محج قلعة، بعد سريان أنباء عن هبوط طائرة آتية من إسرائيل، ما أدى لإغلاقه أمام حركة الملاحة الجوية .
ولفتت تلك الحادثة التي جاءت في أعقاب بدء الحرب الجديدة بين إسرائيل وحماس، أنظار العالم لهاته الأقلية التي تتكون أساسا من يهود الجبال، وتتمتع بتاريخ غني، وأضحت “تواجه تحديات فريدة في السنوات الأخيرة”، وفق صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية.
من هم يهود داغستان؟
تعود جذور يهود داغستان أو “يهود الجبال” أو “تاتس” (Tats) كما يعرفون في داغستان، إلى يهود المناطق الناطقة بالفارسية، ويعيشون في القوقاز منذ القرن الثامن على الأقل.
تاريخ وصول اليهود الأوائل إلى أراضي داغستان الحالية غير معروف على وجه اليقين، ولكن بحلول القرن السابع عشر كان عدد السكان اليهود ثابتًا بما يكفي ليسجله الرحالة الألماني، آدم أوليريوس.
أوليريوس قال بخصوص داغستان “لا يوجد مسيحيون في مدينة ديربنت، كما يقول البعض، فقط المحمديون (المسلمون) واليهود يعيشون هنا”.
حافظ المجتمع اليهودي على ممارساته الثقافية والدينية المتميزة على الرغم من العزلة الجغرافية والسياسية.
تاريخيًا، استقر يهود الجبال في أجزاء مختلفة من داغستان، مع وجود أعداد كبيرة من السكان في مدن مثل ديربنت ومخاتشكالا.
كانت ديربنت، إحدى أقدم المدن في المنطقة، مركزا للحياة اليهودية، وتضم العديد من المعابد اليهودية قبل الثورة البلشفية.
واليوم، لا يزال كنيس كيلي نوماز فقط نشطا في ديربنت، ويعمل كنقطة محورية لأعداد اليهود المتضائلين، وفقا للتقارير.
داغستان
هي جمهورية تقع في شمال القوقاز الروسي، ويحدها بحر قزوين من الشرق وجورجيا وأذربيجان من الجنوب. عاصمتها هي محج قلعة.
تشتهر داغستان بتنوعها العرقي، إذ تضم أكثر من 30 مجموعة عرقية و100 لغة، وتمارس في الغالب الإسلام السني.
تتمتع المنطقة بتاريخ معقد من المقاومة ضد الإمبراطوريات، وتواجه تحديات مثل عدم الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية، على الرغم من مواردها في الزراعة والنفط والصناعة.
تاريخ يهود داغستان
خلال الحقبة السوفييتية، تمكن يهود الجبال من الحفاظ على ممارساتهم وشعائرهم الدينية ولو بنوع من التكتم، مثل صناعة خبز الماتزو، طقوس عيد الفصح، وإضاءة شموع السبت، وذلك لاتقاء السياسات المعادية للسامية السائدة في أجزاء أخرى من الاتحاد السوفييتي.
واستمرت هذه المرونة الثقافية رغم الظروف القاسية التي فرضها النظام السوفييتي، كما تشيرت مصادر مختلفة.
في العقود الأخيرة، واجه السكان اليهود في داغستان تحديات كبيرة، حيث أدى انهيار الاتحاد السوفييتي والصراعات الإقليمية اللاحقة، وخاصة حروب الشيشان، إلى زيادة العنف وعدم الاستقرار.
وقد أدى صعود الفكر المتشدد إلى زيادة تعقيد الوضع، ما دفع العديد من اليهود إلى الهجرة.
وانخفض عدد السكان اليهود في داغستان من حوالي 50 ألف إلى أقل من 10 آلاف في السنوات الأخيرة، مع انتقال العديد منهم إلى إسرائيل أو الولايات المتحدة أو أجزاء أخرى من روسيا، وفقًا لوكالة التلغراف اليهودية.
زيادة التوترات
على الرغم من انخفاض أعدادهم بشكل كبير، حافظ يهود الجبال في داغستان وأماكن أخرى في شمال القوقاز على مجتمعاتهم.
ومع ذلك، شهدت السنوات الأخيرة زيادة في التوتر العرقي وأعمال العنف، ما دفع كثيرين إلى التفكير في الهجرة بحثا عن الأمان.
وسلط رومان أشوروف، وهو عضو بارز في المجتمع، الضوء على المخاطر التي يواجهها اليهود، بما في ذلك عمليات الاختطاف التي تقوم بها مجموعات شيشانية استهدفت اليهود مقابل الفدية، كما ذكرت وكالة التلغراف اليهودية وإذاعة أوروبا الحرة.
في السنوات الأخيرة، واجهت الجالية اليهودية في داغستان تهديدات كبيرة، بما في ذلك الحادث الذي وقع في 29 أكتوبر 2023 حين اقتحم حشد مطار محج قلعة بحثًا عن قادمين من إسرائيل.
والحادث مرتبط بالحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، التي بدأت بهجوم مسلحين من الحركة الفلسطينية على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.
وفي وقت سابق من ذلك اليوم، أُضرمت النيران في مركز يهودي قيد الإنشاء في داغستان، وكتبت على جدرانه عبارة “الموت لليهود”.